سورة الأنفال - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)}
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلم تقتلوهم} قال: لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين قال هذا قتلت وهذا قتلت {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} قال: محمد صلى الله عليه وسلم حين حصب الكفار.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وما رميت إذ رميت} قال: رماهم يوم بدر بالحصباء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: ما وقع شيء من الحصباء إلا في عين رجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} قال: هذا يوم بدر، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حصيات فرمى بحصاة بين أظهرهم، فقال: شاهت الوجوه فانهزموا.
وأخرج ابن عساكر عن محكول رضي الله عنه قال: لما كرَّ علي وحمزة على شيبة بن ربيعة، غضب المشركون وقالوا: اثنان بواحد؟! فاشتغل القتال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنك أمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولا خلف لوعدك، وأخذ قبضة من حصى فرمى بها في وجوههم فانهزموا بإذن الله تعالى، فذلك قوله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: «لما كان يوم بدر سمعنا صوتاً وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصباء وقال: شاهت الوجوه. فانهزمنا، فذلك قول الله تعالى {وما رميت إذ رميت} الآية».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست، فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بهن في وجوه المشركين فانهزموا، فذلك قوله: {وما رميت إذ رميت} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه «ناولني قبضة من حصباء». فناوله فرمى بها في وجوه القوم، فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء، فنزلت هذه الآية {وما رميت إذ رميت} الآية.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي رضي الله عنهما قالا: لما دنا القوم بعضهم من بعض، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه.
فدخلت في أعينهم كلهم، وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلونهم، وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} إلى قوله: {سميع عليم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد أخذ أبي بن خلف يركض فرسه حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعترض رجال من المسلمين لأبي بن خلف ليقتلوه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استأخروا» فاستأخروا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حربته في يده، فرمى بها أبي بن خلف وكسر ضلعاً من أضلاعه، فرجع أبي بن خلف إلى أصحابه ثقيلاً فاحتملوه حين ولوا قافلين، فطفقوا يقولون: لا بأس، فقال أبي حين قالوا له ذلك: والله لو كانت بالناس لقتلتهم، ألم يقل إني أقتلك إن شاء الله؟ فانطلق به أصحابه ينعشونه حتى مات ببعض الطريق فدفنوه، قال ابن المسيب رضي الله عنه: وفي ذلك أنزل الله تعالى {وما رميت إذ رميت...} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب والزهري رضي الله عنهما قالا: أنزلت في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبي بن خلف بالحربة وهو في لامته، فخدشه في ترقوته فجعل يتدأدأ عن فرسه مراراً حتى كانت وفاته بها بعد أيام، قاسى فيها العذاب الأليم موصولاً بعذاب البرزخ المتصل بعذاب الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الزهري رضي الله عنه في قوله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} قال: حيث رمى أبي بن خلف يوم أحد بحربته فقيل له: إن يك الأجحش. قال: أليس قال: أنا أقتلك؟ والله لو قالها لجميع الخلق لماتوا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه «أن رسول الله- يوم ابن أبي الحقيق- دعا بقوس: فأتى بقوس طويلة فقال: جيئوني بقوس غيرها. فجاءوه بقوس كيداء، فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصن، فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحقيق في فراشه، فأنزل الله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}».
وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله: {ولكن الله رمى} أي لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله تعالى من نصرك وما ألقى في صدور عدوك منها حتى هزمتهم {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً} أي يعرف المؤمنين من نعمته عليهم في إظهارهم عدوّهم مع كثرة عدوّهم وقلة عددهم، ليعرفوا بذلك حقه ويشكروا بذلك نعمته.


{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)}
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن منده والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير. أن أبا جهل قال حين التقى القوم: اللهم اقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف فاحنه الغداة. فكان ذلك استفتاحاً منه، فنزلت {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} الآية.
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن تستفتحوا} يعني المشركين، إن تستنصروا فقد جاءكم المدد.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه قال: قال أبو جهل يوم بدر: اللهم انصر إحدى الفئتين، وأفضل الفئتين، وخير الفئتين. فنزلت {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}.
وأخرج أبو عبيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنهم فئتهم من الله شيئاً}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} قال: كفار قريش في قولهم: ربنا افتح بيننا وبين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ففتح بينهم يوم بدر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} قال: إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء في يوم بدر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وإن تنتهوا} قال: عن قتال محمد صلى الله عليه وسلم {وإن تعودوا نعد} قال: إن تستفتحوا الثانية افتح لمحمد صلى الله عليه وسلم {وأن الله مع المؤمنين} قال: مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وإن تعودوا نعد} يقول: نعد لكم بالأسر والقتل.


{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)}
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وهم لا يسمعون} قال: عاصون.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8